يمثل مصطلح " الجندر" ( Gender) الذي تدور حوله معظم مصطلحات الأمم المتحدة مصطلحاً مضللاً ظهر للمرة الأولى في مؤتمر القاهرة للسكان عام 1994.
في نص الإعلان الذي يدعو إلى تحطيم كل التفرقة الجندرية، ولم يثر المصطلح أحداً وقتها؛ لأنه ترجم إلى العربية على أساس أنه " ذكر/ أنثى".
ومراعاة لخطة التهيئة والتدريج في فرض هذا المفهوم الخطير ظهر المصطلح مرة أخرى، ولكن بشكل أوضح في وثيقة بكين عام 1995؛ إذ تكرر المصطلح ذاته، فكان لا بد من الوقوف على حقيقة هذا المصطلح الذي يُروّج له ليل نهار.
وقد شهدت الأعوام القليلة الماضية هجمة على الأسرة في عالمنا العربي والإسلامي على وجه الخصوص؛ فعُقدت مؤتمرات الأسرة المتتالية في محاولة لصنع واقع جديد للأسرة، بصفتها وحدة البناء الرئيسة للمجتمعات، من أجل تمرير ثقافة الجنس وتحرير المرأة، والمساواة بينها وبين الرجل، وغير ذلك من المفاهيم الأخرى، بما يشكل في الخلاصة عولمة حقيقية للقيم الاجتماعية بأسرها، واستبدال قيم بديلة غريبة بقيمنا الاجتماعية والأسرية في عالمنا العربي.
ولا يمكن فصل مفهوم "الجندر" الذي يحاول مروّجوه تمريره وترسيخه في عقول الناشئة من أبنائنا عن هذه العولمة الاجتماعية، وإن كان"الجندر" واحداً من المحاولات التي تتعدد إشكالها ومسمياتها لتدمير الأسرة المسلمة.
"الجندر" مصطلح مستورد مراوغ وخبيث ومطاط تردد كثيراً في السنوات الأخيرة على ألسنة المثقفين، والمعنيين، ودعاة حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، وحتى أبنائنا وبناتنا دون أن يعي الكثيرون حقيقة الترويج لهذا المفهوم الخطير وأبعاده وأهدافه؛ فهو ليس إلاّ أداة لتمرير أهداف أكثر خطورة على الأسرة تحت عباءة وثائق ومؤتمرات الأمم المتحدة التي وقّعت عليها أغلب الدول العربية والمسلمة، بحيث باتت أمراً واقعاً.
التباس المفهوم مقصود!
من بين عشرات الطلبة في الجامعات والمدارس لم يرسخ في عقول أكثرهم أي تعريف واضح لهذا المصطلح، بينما لم ير فيه آخرون أكثر من دعوة للمساواة بين الجنسين.
بعض الطلبة تعرّف إليه من خلال رسوم خاصة «عبارة عن حلقة دائرية تعلوها إشارة الزائد» مما يشير إلى أن التباس المفهوم وعدم وضوح معناه لدى الفئات المستهدفة مقصود بشكل ما لتمرير مفاهيمه دون الاصطدام بأي معتقدات دينية أو موروثات اجتماعية. ومثل هذه المصطلحات يجب استخدامها في سياقها وضمن بيئتها الثقافية .
تعريف الجندر!
قبل تعريف مفهوم أو مصطلح "الجندر" لا بد من القول إن هذا المصطلح ارتبط بحركات تحرير المرأة؛ فهو مصطلح خاص بالمرأة أكثر من الرجل، وهدفه الإناث أكثر من الذكور، وغايته القصوى تحقيق ما يسمى بـ"النزعة الأنثوية" في مواجهة "المجتمع الذكوري" حيث وجدت دعوات تحرير المرأة أو «تمكينها» أو مساواتها بالرجل تربة خصبة لها في الدول العلمانية أو الشيوعية أو حتى الرأسمالية.
وتتحدث الدكتورة كاميليا حلمي عضو اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل. ومؤلفة الكتاب عن إعادة صياغة اللغة والمصطلحات الخاصة بالأسرة والعلاقة بين الرجل والمرأة. فأصبح الجندر بدلاً من الرجل والمرأة، وكلمة الشريك بدلاً من الزوج.
وترى حلمي إن "الجندر" مفهوم يسعى فيما يسعى إليه إلى إلغاء دور الأب ورفض الأسرة والزواج وملكية المرأة لجسدها، وهي دعوة صريحة للإباحية، ورفض الإنجاب وإباحة الإجهاض والشذوذ الجنسي، لكن المصطلح في عالمنا العربي يُروّج له على أنه في مصلحة مساواة المرأة بالرجل دون التطرق لكل ما سبق.
وتُعرّف منظمة الصحة العالمية " الجندر" بأنه الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات اجتماعية مركبة لا علاقة لها بالاختلافات العضوية.
بمعنى أن اختلاف الرجل والمرأة البيولوجي لا علاقة له باختيار النشاط الجنسي الذي يمارسه كل منهما، وهنا دعوة صريحة للشذوذ الجنسي.
وتعرّف الموسوعة البريطانية "الجندر" بأنه: شعور الإنسان بنفسه كذكر أو كأنثى ومن ثم فإذا قام الرجل بوظيفة الأنثى أو قامت الأنثى بوظيفة الذكر فإنه لن يكون هنالك ذكر أو أنثى، وإنما سيكون هنالك "نوع" أي "جندر".
ولفرض المصطلح دعا مؤتمر لاهاي عام 1999 إلى إنشاء جهاز خاص في كل مدرسة في دول العالم لتحطيم الصورة التقليدية والسلبية للهوية الجندرية، ولتعليم الطلبة على حقوقهم الجنسية والإنجابية، كما دعا المؤتمر الحكومات إلى سن قوانين جديدة تتناسب مع حقوق المراهقين والشباب للاستمتاع بحقوقهم الجنسية دون التفرقة بين ذكر أو أنثى.
أهم أفكار"الجندر" المرفوضة !
من أهم الأفكار التي ينادي بها مفهوم "الجندر" التشكيك بصحة الدين عن طريق بث الشبهات مثل: إن الدين الإسلامي سبب في عدم المساواة في أمور عدة؛ كالقوامة والميراث ونقصان شهادة المرأة، وتعدد الزوجات، وعدم تعدد الأزواج، والحجاب حتى قضايا مثل ذكورة لفظ الجلالة وإشارة القرآن إلى ضمير المذكر أكثر من ضمير المؤنث لم تسلم من سموم" الجندر".
ومن هنا ظهرت فئة من دعاة المساواة "الإسلاميين" تطلق على نفسها اسم الحداثيين أو المتنورين لصبغ أفكارهم هذه بالشرعية، وكل هذه الدعاوى تنطلق من منطلق المساواة ذلك الستار الذي يختبئ خلفه مروجو " الجندر".
وقد بدأ مصطلح الجندر وتطبيقاته بالتغلغل في الدول العربية بداية التسعينيات مع تزايد نفوذ مؤسسات التمويل الأجنبي ولجان المرأة ومؤسسات الأمم المتحدة .
وأهم الآليات التي تغلغلت عبرها مفاهيم الجندر هي الاتفاقيات الصادرة عن المؤتمرات الدولية، وهذه الآلية الدولية فيها طابع من الإلزام للحكومات العربية والإسلامية ، بما وقعت عليه من اتفاقيات قد يتبع عدم تنفيذها ضغوط سياسية واقتصادية، أو إغراءات اقتصادية .